يقول الشيخ رحمه الله: (وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي لله) يعني مجرد هذه الأمور لا تدل على ولاية الله، بل قد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر في متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونهيه، وهذه العبارة قالها كثير من أئمتهم، فمن ذلك قول بعضهم: لو رأيتم الرجل يطير في الهواء، أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا إلى اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فالأئمة المتبوعون الذين يؤخذ كلامهم في هذا الشأن يذكرون أنها ليست دلالة على الولاية؛ لأن مجرد الخارق للعادة قد يقع من أعداء الله وأولياء الشيطان، وقد يقع من أولياء الله؛ ولذلك تجد
النصارى يمخرقون على الناس في عيد الميلاد، ويقولون: العذراء تنزل عليهم، وليس تلك إلا حيلة شيطانية خبيثة أو بتعاون مع الجن، فيرسمون صورة العذراء على منارة أو على عمود الكنيسة بخيوط دقيقة بشكل صورة امرأة، ثم يكون الراهب هناك، فيقول: الآن تنزل العذراء ويجلسون ويجتمعون يرتقبونها، ويقدح في الزيت فتشتعل الصورة، فيكون الزيت الذي في الخيوط يشتعل والصورة على شكل الخيط فتكون كأنها على شكل عذراء، فيقولون جاءت العذراء ويبكون ويصرخون ويمخرقون على الناس، وكذلك كثير من الحيل التي يفعلونها.وأما
الهندوس فعندهم أعجب من هذا؛ ولذلك لا تستطيع أن تفرق بين ألعاب السحر أو السيرك التي يفعلونها العلمانيون لا دينيون ملحدون، وبين ما يفعله هؤلاء الذين يدعون أنهم أولياء، فلو رأيت ما يفعله
الرفاعية ، وما يفعله سحرة الهنود أو ما يفعله الغربيون الذين لا دين لهم في ألعاب السيرك، فستجد أن القضية واحدة، وأنها إما مخرقة أو حيلة باليد أو حيل كيميائية، أو حيل علمية طبيعية، أو من فعل ومن صنع وتأثير الشياطين، فالهندوسي مثلاً في
أوروبا أمام الأطباء يدقون رأسه بمسمار طويل حتى يختفي ولا يموت، فيتعجبون ويظنون أن هذا ولي لله، مع أنه عابد للبقر، فمن كان على أي دين من الأديان الكتابية ونحوها كيف يكون ولياً لله؟! والحقيقة أن ما يحدث ليس كما يرونه على الحقيقة، فالأطباء يرون أن الأعضاء سليمة كلها، إذاً: المسمار لم يُدق فيه، وإن شاء الله عندما نتحدث عن موضوع الكرامات نبين كثيراً من هذه الحيل، وكيف أن
شيخ الإسلام رحمه الله بين أن بعض من تابوا هم بأنفسهم بينوا ذلك، وقد حدثت هذه الأشياء لأناس كثير في القديم والحديث، منها: أن بعضهم قال: كنت إذا حضرت بعض هذه الأمور أو رأيتها قرأت آية الكرسي فإني أرى الأمر على حقيقته، فأرى المسمار يدق بعيداً عن الرأس، والنار التي يضع فيها سيخاً من حديد ويبلعه أراه من جنبه لكن بقية الناس يندهشون ويظنون أنه أدخله في فمه، فإذا قرأ الإنسان آية الكرسي ذهبت الغشاوة الشيطانية أو التخييل الشيطاني الذي يقع على أعين الذين لا يذكرون الله ممن يرونه. إذاً: هذه الحيل والخوارق قد تقع من عباد الله الصالحين فتكون كرامة فعلاً، ولكنه قد تقع أيضاً من هؤلاء في الظاهر وتكون لها أسبابها، فإما أنها حيل خفية وإما أسباب شيطانية.